النظام الغذائي للأسود البرية
الفرائس الرئيسية للأسود البرية تتمثل عموما في الحيوانات ذات الحوافر(كبيرة ، متوسطة او صغيرة الحجم) حيث تصطاد الاسود الظباء بشتى انواعها ، الجواميس ، الخنازير ، الأحمرة الوحشية ، الزرافات ، الأرانب ، الطيور و الأسماك في بعض الأحيان . في اماكن معينة افادت الدراسات بأن الاسود البرية يمكنها التخصص في قتل نوع معين من الحيوانات و جعله غذاءها الرئيسي ، و عندما يكون هناك قطيع كبير من الأسود يتألف من 30 فردا مثلا ، يصبح بامكانها مواجهة حتى الفيلة البالغة ، وتستطيع حتى مهاجمة وحيد القرن و فرس البحر عندما تكون في حالة غضب أو جوع شديد.
ان الغزلان ، الأيول ، الامابالا ، السبرينغبوك كلها ظباء سريعة عادة ما تنجو من عمليات الصيد ، ولذلك تفضل الأسود مطاردة حيوانات أبطئ منها خاصة أن سرعتها لا تتجاوز 50كلم/س . عندما تبلغ صغار الأسود عامين من العمر تتعلم طرق الصيد من والديها حيث يشارك الابوان في تعليم اولادهما ، فحتى الذكر يشارك في تربية صغاره وتعليمهم ، على عكس بعض الحيوانات المفترسة الاخرى التي تقوم فيها الام بعملية التربية لوحدها ( كالنمور). وعندما تبلغ الثالثة تصطحبها والدتها معها لأولى رحلات الصيد في البرية.
في أوقات الجفاف تتغذى الأسود البرية حتى على جثث الحيوانات النافقة جراء الامراض و على بقايا الحيوانات المفترسة الأخرى ، و عندما تهاجر الحيوانات ذات الحوافر التي تمثل غذاءها الرئيسي بحثا عن الماء و عن الغذاء ، تُحَول الأسود إنتباهها إلى الحيوانات المستقرة والغير المهاجرة الموجودة في المنطقة كالزرافات ، الخنازير البرية ، الثديات الصغيرة( أنواع الظباء الغير كبيرة الحجم ، الأرانب) ، الطيور ، الثعابين وصغار التماسيح . في مثل هذه المواسم الجافة تتغذى الأسود في العادة ليلا على ظباء الإمبالا و نهارا على أنواع أخرى من الظباء تكون أسرع من الأخيرة شرط أن تتعاون عليها مع أسود اخرى لأن أسدا وحده لا يمكنه إصطياد هذا النوع من الحيوانات لأن سرعته محدودة.
إن الأسود البرية كثيرا ما تجبر على أكل الجيف و اللحوم الميتة و فضلات الحيوانات المفترسة الأخرى و خاصة الذكور التي تطرد من القطيع و تبقى بلا مجموعة ، حيث تجبر على أكل هذا النوع من الغذاء ، و ذلك لعدم كفاءتها في الصيد مقارنة مع الإناث ، فتلجأ غالبا لهذا السلوك أو إلى سرقة غنائم حيوانات أخرى كالنمور أو الفهود التي تفرط في طعامها بسهولة في كثير من الأحيان و خاصة عندما تواجه ذكور الأسود اما الأخرى التي تعيش في مجموعات ولا تكون منفردة فنادرا ما تأكل مثل هذا الغذاء.
* *
النظام الغذائي للأسود وطرق صيدها لفرائسها
في السافانا تعد التضاريس سهلة والارض منبسطة ، مما يسهل على الأسود التربص بفرائسها ومطاردتها ، و مع ذلك فإن صيدها لوحدها يبقى خطرا ، فيمكن لحيوان عشبي ضخم كجاموس مثلا التغلب على أسد و اصابته بجروح بالغة لكن لا يمكنه قتله ، ومع ذلك فهذه المحاولات الفردية تبقى خطيرة حيث يمكن ان تكلف هذا الأسد اصابات شديدة و الموت جوعا جراء ذلك . ولذلك فإن الزيادة العددية للأسود في عمليات صيدها لفرائسها تضاعف نسب نجاحها . و تتراوح النسبة المئوية لنجاح اللبؤة في الصيد ما بين 80 الى 90%.
* *
طرق وأساليب صيد الأسود البرية لفرائسها
إن اللبؤات و الأسود يستخدمون تقنيات صيد مختلفة و متعددة حسب نوعية الأرض و ميدان الصيد الموجودة فيه ، حسب طرائدها المفضلة وحسب أساليب دفاع هذه الفرائس . إن اللبؤة تفضل الصيد عادة عند الفجر وغروب الشمس و في الظلام الحالك . في عملية الصيد تختبئ اللبؤة وراء النباتات الطويلة بينما تتربص بفريسة ما و تبدي عدم الاهتمام او عدم الانتباه اليها ، بعد أن تشعر الفريسة بالامان تأخذ اللبؤة في الاقتراب منها و عندما تفصلها عنها مسافة 30 متر تفاجئها بالعدو اتجاهها و تطرحها ارضا مسلطةً كل وزنها فوق فريستها ثم تنقض عليها بفكيها القويين عند حلقها فتقتلها.
ضحايا و فرائس الأسود البرية تموت بعد دقائق معدودة من طرحها ارضا و ذلك نتيجة للأضرار التي تلحقها بها على مستوى الحلق ، القصبة الهوائية و المريء حيث تبقى الاسود متمسكة بفرائسها حتى تلفظ اخر انفاسها.
عندما تصطاد الأسود في مجموعات تلتف حول فريستها او حول القطيع المراد اصطياده و تبدأ في التقدم مع بعضها البعض ، و تزحف الأسود لمئات الأمتار على بطونها مستغلة لون فروها الذي يتناسب غالبا مع الغطاء النباتي الموجودة فيه الى أن تقترب من فرائسها. بعد ان تفصلها عن هذه الطرائد مسافة 30 متر تنقض عليها مع بعضها البعض بطريقة مفاجئة و بسرعة كبيرة حيث يبلغ طول القفزة الواحدة عند الأسد 6 امتار و يمكنها ان تبلغ الضعف في بعض الاحيان كما باستطاعة الاسود ان تبلغ ارتفاع 4 أمتار بكل سهولة خلال عدوها . عند انتهاء المطاردة تجهز الأسود على فرائسها بعد ان تقبض على عنقها و تقطع حبلها الوريدي او شريانها السباتي.
اللبؤات تفضل الصيد في الأدغال و الغابات الكثيفة لأن ذلك يزيد و يضاعف فرصها في صيد فرائسها بنجاح كما يسهل لها العملية ، فالأسود لا تحب الصيد في السهول الواسعة والمناطق ذات التضاريس السهلة. و من الميزات الأخرى للأسود أنها تحب الصيد في مجموعات ، و ذلك لكي تتعاون على فرائسها حيث تطوقها بعددها الكبير و تمنعها من الهروب ثم تنقض عليها دفعة واحدة ، كما أن الزيادة العددية لدى اللبؤات يمنحها حماية ضد الحيوانات المفترسة الأخرى التي لا تتردد في سرقة طعام الآخرين كالكلاب البرية و الضباع المرقطة.
ان ذكور الأسود نادرا ما تشارك في الصيد مع المجموعة الا إن كانت الفريسة المراد اصطيادها كبيرة جدا كالجواميس ، الزرافات و الفيلة الصغيرة فمهمة الذكور الأساسية تبقى حماية القطيع من أسود اخرى و منعها من الدخول الى إقليمها الذي تتحكم به . بعد نجاح الأسود في عملية الصيد تبدأ ذكور الأسود في الأكل أولا و تليها الإناث ثم الصغار (الأشبال) ، ونادرا ما تتعارك الاسود مع بعضها البعض على الفريسة و لكن عندما تحدث مثل هذه المواجهات تنتج عنها اصابات بالغة من الطرفين .
* *
نسب نجاح الأسود البرية في صيدها لفرائسها
إن النسب المئوية للمحاولات الناجحة للأسود خلال صيدها لفرائسها تختلف حسب نوع الحيوان المراد اصطياده ، فمثلا نجد أن 14% من المحاولات ناجحة فيما يخص إصطيادها للظباء بشتى أنواعها ، و 38% منها ناجحة حول اصطيادها للأحمرة الوحشية و الجواميس و تقابلها 47% حول اصطيادها للخنازير البرية. و قد افادت الدراسات ان نسب نجاح الأسود في الصيد خلال الليل تبلغ 33% و تصل نسب نجاحها خلال النهار الى 21% من اجمالي المحاولات . اما المحاولات داخل الادغال فتبلغ 41%منها ناجحة بينما 12% محاولة ناجحة في الاراضي المنبسطة والمناطق المفتوحة.
* *
علاقات الأسود مع الحيوانات المفترسة الأخرى
الأسود و الضباع من الحيوانات التي عرفت بحساسيتها لبعضها البعض منذ القدم ، و ذلك لأنها تتواجد في نفس المناطق ، و لإحتلال النوعين قمة الهرم الغذائي و السلسلة الغذائية ، و لغذاءها على نفس الفرائس . من هنا نستنتج أنها في منافسة و احتكاك مباشر مع بعضها البعض ، و لذلك نرى انه عندما يتعدى احد النوعين على الطرف الآخر كسرقة غذاءه مثلا لا يتررد اي منهما في اغتنام الفرصة والهجوم الشرس على منافسه اللدود و تنتهي هذه المواجهات في الكثير من الأحيان بقتل أحد الطرفين ، وتكون الغلبة في العادة للأسود التي تعد أكبر منها حجما وعرضا و قوة ، فلا يكون النصر للضباع الا إن تعاونت مع بعضها البعض على أحد الأسود المنفردة فهي تعرف بهجوماتها الجماعية الشرسة و القوية .
ذكور الأسود تتميز بعدوانية شديدة ضد الضباع حيث أنها بإمكانها مهاجمتها دون سبب عندما تسنح لها الفرصة المناسبة لذلك ، و أحيانا تقتلها دون أن تأكل لحمها او تتغذى عليها ، و بالمقابل فإن الضباع تمثل أكبر خطر يهدد صغار الأسود (الأشبال) فهي لا تتردد في قتلها و أكلها هي الأخرى كما انها تشكل خطرا ايضا على إناث الأسود (اللبؤات) التي تعد أقل قوة من الذكور التي تهابها الضباع عموما ، و تحدث كل هذه الخلافات بين الضباع و الأسود علما انهما ينتميان الى نفس النوع و يحتلان قمة الهرم الغذائي.
الأسود تهيمن و تسيطر على القطط الكبيرة الأخرى كالنمور و الفهود ، فهي تكرهها و تربطها علاقة عداوة و حساسية مع بعضها البعض ، و ذلك لانها تقتل صغارها و تسرق طعامها في بعض الأحيان عندما تسنح لها الفرصة المناسبة لذلك. و بالمقابل فإن الفهد لديه فرصة 50% ان يفقد فريسته عندما يواجه حيوانا مفترسا آخر فهو معروف بتخليه عن طعامه بسهولة عند مواجهة احد الضواري و خاصة عندما يكون هذا الحيوان أسدا ، فالفهود من الحيوانات التي تهابها ، كما تمثل الأسود المفترسات الرئيسية لصغار الفهود ، حيث أنه في بعض الأحيان يقتل الأسد الواحد من 9 الى 10 فهود صغيرة عندما تكون في الأسابيع الأولى من عمرها.
خوفا من الأسود و الحيوانات المفترسة الأخرى تتسلق الفهود الأشجار و تأخذ معها فرائسها التي تكون متوسطة الحجم كالغزلان الى أعلاها ، اما بالنسبة للنمور فهي لا تتميز بهذه الخاصية (تسلق الأشجار) فهي تعاني هي الأخرى من سرقة طعامها من طرف الأسود. كما أن الأسود تكره التماسيح النيلية بشدة فهي تعد احدى المنافسين الأساسيين لها و نظرا لحجمهما الكبير فإنه بإمكان كل منهما قتل الآخر و تبقى الغلبة عموما للأسود فكثيرا ما تمت مشاهدة اسود تقتلها بسهولة ، اما بالنسبة للتماسيح فإنه قد تم العثور على عظام الأسود داخل بطونها اكثر من مرة.
* *
إحصاءات الأسود و أسباب تراجع أعدادها
أعداد الأسود المتواجدة حاليا في البرية تتراوح ما بين 16500 و 30000 عنصرا تنتشر الآن في افريقيا الوسطى بحرية . و قد قدر الإتحاد العالمي لحماية البيئة بأن تواجد الأسود في البرية و العالم عرف تقلصا كبير في العشرين سنة الأخيرة بنسبة 30 الى 50 % ، و تزال العديد من الأسباب لهذا التراجع غير معروفة لحد الآن ، و يظن العديد من الباحثين و العلماء أن الأسباب الرئيسية لهذا الإنخفاض يرجع الى اصطيادها في الماضي، و المطاردات الغير الشرعية التي تتعرض لها الآن ، بالإضافة الى التوسع العمراني البشري على حساب أراضيها الذي يؤثر سلبا عليها و على الحيوانات الأخرى التي تتغذى عليها.
* *
إحصاءات الأسود و الإجراءات المتبعة لحمايتها
إن أقاليم الأسود التي كانت تنتشر فيها عرفت تراجعا كبيرا في كل أنحاء افريقيا و ذلك بنسة قدرت ب80% من إجمالي المناطق التي تمركزت فيها في القدم ، و الأسود الإفريقية تصنف الآن بالضعيفة التواجد ، و ذلك في القائمة الحمراء للحيوانات المهددة بالإنقراض و المطروحة من طرف الإتحاد العالمي لحماية البيئة ، فهي تتواجد في مناطق محدودة جدا في قارة واحدة من أصل 5 قارات . و تقدر أعداد الأسود في إفريقيا الغربية ب1500 عنصرا فقط ، و بذلك فهي مهددة بالإنقراض حتى في أقاليمها الجهوية بإفريقيا التي تمثل موطنها البري الوحيد ، حيث تتواجد في آسيا ما بين 200 الى 300 عنصر تتوزع في حدائق الحيوانات ، و التي تعتبر مهددة بالقضاء على أنماطها الوراثية كأسود آسيوية بعد أن تم إختلاطها مع الأسود الإفريقية و تزاوجها معها و ذلك راجع الى قلة أعدادها مقارنة مع نوع الأسود الآخر.
و الإستراتيجيات الجديدة المتبعة لحماية الأسود و لتعزيز علاقاتها بين الإنسان تتمثل في الزيادة من المحميات الكبيرة التي تضمها و الحد من صيدها الغير الشرعي و المتاجرة بها و كل هذه الأفعال المسيئة التي يقوم بها البشر إتجاهها و جاءت هذه المشاريع نتيجة لنجاحها بنسبة كبيرة في جنوب إفريقيا و في شرقها أما في آسيا فهي لا تعرف تقدما كبيرا رغم المجهودات المضاعفة التي يقومون بها هناك و ذلك لأن الأسود الآسيوية نادرة جدا و أعدادها قليلة مقارنة بالأسود الإفريقية ، ولهذا قامت الحكومة الهندية سنة 2000 بإنجاز واحدة من أكبر المحميات في آسيا رجاءا للحفاظ على هذا النوع من الأسود و إستمراريته في الحياة.
* *
دمتــــم بــــود
مــــــــع تحياتي